بحـث
المواضيع الأخيرة
قصة أدم في القرأن
صفحة 1 من اصل 1
قصة أدم في القرأن
قصة آدم عليه السلام.. وقصة آدم ذكرت في القرآن 25 مرة في 25 آية، الغريب أن الآيات في الـ 25 مرة كلها تؤكد على نفس المعنى لكن باستخدام ألفاظ مختلفة؛ وهذا يدل على الإعجاز البلاغي في القرآن، وأول ما ذكرت قصة آدم ذُكِرت في سورة البقرة، وهي أول قصص قرآني، ففي الصفحة الثانية من سورة البقرة ستجد قصة آدم.
ولعلك تتساءل، لماذا قصة سيدنا آدم هي أول قصة في القرآن الكريم؟! وأرى أن المعنى من ورود قصة آدم بعد مقدمة الآيات هو أن فيها سر الوجود إلى يوم القيامة، ولهذا إن أردت أن تعيش سعيدا هانئا في الدنيا والآخرة فعليك أن تقرأ قصة آدم عليه السلام؛ فكل ما يمكن أن يفسد عليك آخرتك وحياتك الدنيا ستجده في هذه القصة، فهي النموذج الأول الذي سيدلك على طريق الهداية، وإنني أقسم يا إخواننا أنك أيها المسلم بدون قصة آدم لن تعرف خط سيرك في الحياة...
نبدأ مع الآية من سورة البقرة وتقول: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْن نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}..
ولعلنا ندرك أن استخدام "إذ" تجعلك وكأنك تعيش الحدث تماما الآن، وكلمة "قال" تدلك على الماضي السحيق، إلا أنك أيها الإنسان جزء من هذا الماضي البعيد..، وهذا يقودنا للإجابة عن بعض الأسئلة التي تطرح نفسها على عقولنا مثل:
لماذا قال الله للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}؟ هل يستشيرهم الله؟!
لا والله، ولكنه الإخبار، أي يقول للملائكة أنتم سيكون لكم دور مع هذا المخلوق الجديد فلابد أن أخبركم قبل أن أكلفكم، وهنا يتردد معنى جميل جدا، ذاك أن الله لا يحاسب أحدا أو يعاقبه قبل أن يخبره أولا –في حال بني البشر، وقد أراد الله تبارك وتعالى أن يفهم الملائكة القضية قبل أن يكلفهم بتكليف يخص دورهم في حياة ذلك المخلوق الجديد..
{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}.. ولاحظ أن هذه الآية تشير إلى ما قبل خلق آدم وعصيانه لربه، بمعنى أن آدم مخلوق أصلا لكي يبقى في الأرض وليس في الجنة مكان ولادته الأصلي فهو خلق من الأرض لكي يبقى في الأرض، {جاعل فِي الأَرْضِ}.. ويعني هذا أن غلطة آدم لم تكن هي التي أنزلته إلى الأرض فقد كان سينزل إلى الأرض حتما، ولكن لماذا كان المرور على الجنة أولا؟
ونرى أن ذلك من أجل أن تدرك أن أصل أبيك آدم كان في الجنة وأن المستقر الحقيقي في الجنة، وكما يقول الشاعر:
فحي على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيـم..
لكننا سبي العدو فهل تر انــــا نُرد إلى أوطاننا ونسلم..
فإذا كنا في كل الأحوال سننزل الأرض، فلماذا كانت قصة معصية آدم في الجنة؟
لعل الله تبارك وتعالى أراد أن يضرب لنا نموذجا عمليا لكيفية إغواء الشيطان وكيفية الوقوع في الخطأ وكيفية التوبة..
فالشجرة المحرمة تتكرر آلاف المرات في حياتنا، وأسلوب الشيطان يتكرر آلاف المرات في حياتنا، فكانت قصة آدم مكررة 25 مرة في القرآن، حتى إذا ما نسينا تذكرنا، فالتكرار من أجل التذكير وإمعانا في الفهم؛ لأن رَبنا رحيم، أيضا كي لا يأتي أحد يوم القيامة يقول إنه لم يبلغه الأمر.
سؤال آخر، آدم خلق من الأرض وللأرض وإن قصة المعصية كان لابد منها لكن لماذا أصلا خلق للأرض؟
ونقول إننا كان لابد وأن ننزل الأرض لمعنى مهم جدا وهو أن هذا المخلوق الذي أوجده الله جزء من تركيبته الذاتية أنه لا يعرف قيمة الأشياء إلا عندما يتعب في الوصول إليها، وأنه لو حصل على شيء بسهولة لا يقدر له قيمته ولا يقدر النعمة الكبيرة التي أوجده الله فيها..
أراد الله أن ننزل إلى الأرض لنعرف قيمة الجنة، لهذا فمن لا يشتاق إلى الجنة - بمعنى أنه لم يبذل جهدا في سبيل الوصول إلى الجنة- لابد له أن يمر على النار....
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}.. كلام كثير جدا قيل عن كلمة خليفة.. فهي تعني استخلفه الله على الأرض أي جعله مسئولا هو وذريته عن الأرض لكي يعيش في طاعة لله عز وجل، مع تسخير الكون كله له، فالله ائتمنك أيها الإنسان على وديعة وأنت المسئول عنها ولذلك قال الله تعالى: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق}.. ولعلك عرفت الآن معنى قول الله تبارك وتعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان}..
وهذا يأخذنا لسؤال مهم جدا؛ لماذا خلق الله الإنسان من الأصل؟
نحن خلقنا لشيئين؛ أولهما قول الله تبارك وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}؛ أي لتعيش طائعا لله. وليست الطاعة صلاة وصياما وعبادات فقط؛ ولكن أن نعمل كل خطوة في حياتنا بنية توجهنا إلى الله فتكون حققت كل شيء في حياتك..
يقول ابن القيم: "كل نفس وكل نقطة عرق لا تخرج في الدنيا في سبيل الله ستخرج في الآخرة حسرة وندامة"، فالله لم يخلق الإنسان لكي يصلي الصلوات الخمس في اليوم فقط، ولكنه خلقه لكي يعبده طوال الأربع والعشرين ساعة..
الهدف الثاني للخلق: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} فالأولى كانت على المستوى الشخصي، والثانية أنه خلقه ليكون خليفة يصلح الكون، بمعنى أن تكون في نفسك متدينا وتصلح الكون من حولك، وعندما تقف بين يدي الله يوم القيامة ستسأل عن هاتين الوظيفتين اللتين من أجلهما خلقت.. ولكن يأتي من يقول إن أول ما يسأل عليه الإنسان يوم القيامة هو الصلاة، ولكن يا جماعة هذا في ركن العبادات ولكن الذي ستحاسب عليه قبل العبادات هو عقيدتك، ولعلك الآن تكون قد عرفت معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يوقع بكم عذابه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم".
والحديث الشهير "أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها قال إن فيها عبدك فلان لم يعصك طرفة عين قال اقلبها عليه وعليهم فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط". وفي هذا يقول الشيخ الشعراوي: "غفل الإنسان عن حقيقة وضعه على مر التاريخ ونسي أنه مستخلف في الأرض"
دعونا نستكمل الآية التي تقول: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْن نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}.. وهذا لم يكن اعتراضا ولا غِيرة، ولكن خافت جموع الملائكة أن يكونوا قصروا في حق ربنا فاستبدلهم..
ولكن من أين عرفت الملائكة؟
جاء في تفسير القرطبي لهذه الآية: قاله قتادة، وقال عبد الله بن عمر: كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى الجزر والبحور. ومن أجل هذا فإن الجن مازالوا يسكنون الجزر والبحور.
ولاحظ أن الله سمح للملائكة بالحوار ليس للاعتراض ولكن ترك الله بفضله وكرمه للملائكة أن يحاوروه، أما نقطة: {وَنَحْن نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} فالنبي صلى الله عليه وسلم يحكي عن هذه الآية وهو في رحلة المعراج فيقول: "فسمعت السماء تردد سبحان العلي الأعلى سبحان العلي الأعلى سبحان العلي الأعلى" وبعد قليل يسمع سبحان الله وبحمده"..
{قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}.. صحيح أن هناك من سيأتي يسفك الدماء ويفسد في الأرض، ولكن سيأتي بعده من يخشع، منهم أنبياء وشهداء وصادقون ومؤمنون ومهتدون؛ فمؤمن واحد أغلى عند الله من ملايين من الكافرين، فإن المقصود أنك من يقاوم المعصية بهذه الآية: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}..
{وَعَلَّمَ آدم الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} الآية 31 من سورة البقرة، ويقصد بالأسماء كل شيء في الكون؛ الحجر والشجر والبحر والزراعة والصيد والنار وكل ما فيها ومن فيها، حتى يستطيع أن يسيِّر الدنيا، فمن أجل أن يكون خليفة، لابد أن يجيد فنون الدنيا، فلابد من العلم بجوار الدين، وهكذا كان آدم، لم يكن متدينا فقط بل كان خبيرا بفنون الدنيا حتى يكون خليفة ناجحا في الأرض فكان هذا من متطلبات: {وَعَلَّمَ آدم الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، قَالَ يَا آدم أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قالَ أَلَمْ أقُلْ لكم إني أعلمُ غيبَ السمواتِ والأرضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}.لقد انبهرت الملائكة وقال الله تبارك وتعالى: "قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ".. فآدم لديه إرادة الخير والشر وبعد ما أجاد الدنيا والدين؛ استحق أن تسجد له الملائكة.
يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} فكان الموقف بمثابة حفل تكريم لسيدنا آدم، فإن قيل هل ينفع السجود لغير الله؟، نقول لهم إن السجود لله وحده، وسجود الملائكة لآدم لم يكن سجود عبادة ولكن سجود تكريم وتسخير، وشرط ذلك أن تجمع بين الدنيا والدين فتكون أكرم عند الله من كل ما خلق. وفي هذا الموقف لم يستجب إبليس لأمر الله فطرد من الجنة.فالحمد لله على نعمة الخلق والإيجاد من العدم ونسأله تعالى نعمة الإيمان ونعمة الرضا.. والتوفيق فيما خلقنا من أجله.
منقوووووول
ولعلك تتساءل، لماذا قصة سيدنا آدم هي أول قصة في القرآن الكريم؟! وأرى أن المعنى من ورود قصة آدم بعد مقدمة الآيات هو أن فيها سر الوجود إلى يوم القيامة، ولهذا إن أردت أن تعيش سعيدا هانئا في الدنيا والآخرة فعليك أن تقرأ قصة آدم عليه السلام؛ فكل ما يمكن أن يفسد عليك آخرتك وحياتك الدنيا ستجده في هذه القصة، فهي النموذج الأول الذي سيدلك على طريق الهداية، وإنني أقسم يا إخواننا أنك أيها المسلم بدون قصة آدم لن تعرف خط سيرك في الحياة...
نبدأ مع الآية من سورة البقرة وتقول: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْن نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}..
ولعلنا ندرك أن استخدام "إذ" تجعلك وكأنك تعيش الحدث تماما الآن، وكلمة "قال" تدلك على الماضي السحيق، إلا أنك أيها الإنسان جزء من هذا الماضي البعيد..، وهذا يقودنا للإجابة عن بعض الأسئلة التي تطرح نفسها على عقولنا مثل:
لماذا قال الله للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}؟ هل يستشيرهم الله؟!
لا والله، ولكنه الإخبار، أي يقول للملائكة أنتم سيكون لكم دور مع هذا المخلوق الجديد فلابد أن أخبركم قبل أن أكلفكم، وهنا يتردد معنى جميل جدا، ذاك أن الله لا يحاسب أحدا أو يعاقبه قبل أن يخبره أولا –في حال بني البشر، وقد أراد الله تبارك وتعالى أن يفهم الملائكة القضية قبل أن يكلفهم بتكليف يخص دورهم في حياة ذلك المخلوق الجديد..
{إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}.. ولاحظ أن هذه الآية تشير إلى ما قبل خلق آدم وعصيانه لربه، بمعنى أن آدم مخلوق أصلا لكي يبقى في الأرض وليس في الجنة مكان ولادته الأصلي فهو خلق من الأرض لكي يبقى في الأرض، {جاعل فِي الأَرْضِ}.. ويعني هذا أن غلطة آدم لم تكن هي التي أنزلته إلى الأرض فقد كان سينزل إلى الأرض حتما، ولكن لماذا كان المرور على الجنة أولا؟
ونرى أن ذلك من أجل أن تدرك أن أصل أبيك آدم كان في الجنة وأن المستقر الحقيقي في الجنة، وكما يقول الشاعر:
فحي على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيـم..
لكننا سبي العدو فهل تر انــــا نُرد إلى أوطاننا ونسلم..
فإذا كنا في كل الأحوال سننزل الأرض، فلماذا كانت قصة معصية آدم في الجنة؟
لعل الله تبارك وتعالى أراد أن يضرب لنا نموذجا عمليا لكيفية إغواء الشيطان وكيفية الوقوع في الخطأ وكيفية التوبة..
فالشجرة المحرمة تتكرر آلاف المرات في حياتنا، وأسلوب الشيطان يتكرر آلاف المرات في حياتنا، فكانت قصة آدم مكررة 25 مرة في القرآن، حتى إذا ما نسينا تذكرنا، فالتكرار من أجل التذكير وإمعانا في الفهم؛ لأن رَبنا رحيم، أيضا كي لا يأتي أحد يوم القيامة يقول إنه لم يبلغه الأمر.
سؤال آخر، آدم خلق من الأرض وللأرض وإن قصة المعصية كان لابد منها لكن لماذا أصلا خلق للأرض؟
ونقول إننا كان لابد وأن ننزل الأرض لمعنى مهم جدا وهو أن هذا المخلوق الذي أوجده الله جزء من تركيبته الذاتية أنه لا يعرف قيمة الأشياء إلا عندما يتعب في الوصول إليها، وأنه لو حصل على شيء بسهولة لا يقدر له قيمته ولا يقدر النعمة الكبيرة التي أوجده الله فيها..
أراد الله أن ننزل إلى الأرض لنعرف قيمة الجنة، لهذا فمن لا يشتاق إلى الجنة - بمعنى أنه لم يبذل جهدا في سبيل الوصول إلى الجنة- لابد له أن يمر على النار....
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}.. كلام كثير جدا قيل عن كلمة خليفة.. فهي تعني استخلفه الله على الأرض أي جعله مسئولا هو وذريته عن الأرض لكي يعيش في طاعة لله عز وجل، مع تسخير الكون كله له، فالله ائتمنك أيها الإنسان على وديعة وأنت المسئول عنها ولذلك قال الله تعالى: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق}.. ولعلك عرفت الآن معنى قول الله تبارك وتعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان}..
وهذا يأخذنا لسؤال مهم جدا؛ لماذا خلق الله الإنسان من الأصل؟
نحن خلقنا لشيئين؛ أولهما قول الله تبارك وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}؛ أي لتعيش طائعا لله. وليست الطاعة صلاة وصياما وعبادات فقط؛ ولكن أن نعمل كل خطوة في حياتنا بنية توجهنا إلى الله فتكون حققت كل شيء في حياتك..
يقول ابن القيم: "كل نفس وكل نقطة عرق لا تخرج في الدنيا في سبيل الله ستخرج في الآخرة حسرة وندامة"، فالله لم يخلق الإنسان لكي يصلي الصلوات الخمس في اليوم فقط، ولكنه خلقه لكي يعبده طوال الأربع والعشرين ساعة..
الهدف الثاني للخلق: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} فالأولى كانت على المستوى الشخصي، والثانية أنه خلقه ليكون خليفة يصلح الكون، بمعنى أن تكون في نفسك متدينا وتصلح الكون من حولك، وعندما تقف بين يدي الله يوم القيامة ستسأل عن هاتين الوظيفتين اللتين من أجلهما خلقت.. ولكن يأتي من يقول إن أول ما يسأل عليه الإنسان يوم القيامة هو الصلاة، ولكن يا جماعة هذا في ركن العبادات ولكن الذي ستحاسب عليه قبل العبادات هو عقيدتك، ولعلك الآن تكون قد عرفت معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتأمرن بالمعروف وتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يوقع بكم عذابه ثم تدعونه فلا يستجيب لكم".
والحديث الشهير "أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها قال إن فيها عبدك فلان لم يعصك طرفة عين قال اقلبها عليه وعليهم فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط". وفي هذا يقول الشيخ الشعراوي: "غفل الإنسان عن حقيقة وضعه على مر التاريخ ونسي أنه مستخلف في الأرض"
دعونا نستكمل الآية التي تقول: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْن نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}.. وهذا لم يكن اعتراضا ولا غِيرة، ولكن خافت جموع الملائكة أن يكونوا قصروا في حق ربنا فاستبدلهم..
ولكن من أين عرفت الملائكة؟
جاء في تفسير القرطبي لهذه الآية: قاله قتادة، وقال عبد الله بن عمر: كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى الجزر والبحور. ومن أجل هذا فإن الجن مازالوا يسكنون الجزر والبحور.
ولاحظ أن الله سمح للملائكة بالحوار ليس للاعتراض ولكن ترك الله بفضله وكرمه للملائكة أن يحاوروه، أما نقطة: {وَنَحْن نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} فالنبي صلى الله عليه وسلم يحكي عن هذه الآية وهو في رحلة المعراج فيقول: "فسمعت السماء تردد سبحان العلي الأعلى سبحان العلي الأعلى سبحان العلي الأعلى" وبعد قليل يسمع سبحان الله وبحمده"..
{قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}.. صحيح أن هناك من سيأتي يسفك الدماء ويفسد في الأرض، ولكن سيأتي بعده من يخشع، منهم أنبياء وشهداء وصادقون ومؤمنون ومهتدون؛ فمؤمن واحد أغلى عند الله من ملايين من الكافرين، فإن المقصود أنك من يقاوم المعصية بهذه الآية: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ}..
{وَعَلَّمَ آدم الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} الآية 31 من سورة البقرة، ويقصد بالأسماء كل شيء في الكون؛ الحجر والشجر والبحر والزراعة والصيد والنار وكل ما فيها ومن فيها، حتى يستطيع أن يسيِّر الدنيا، فمن أجل أن يكون خليفة، لابد أن يجيد فنون الدنيا، فلابد من العلم بجوار الدين، وهكذا كان آدم، لم يكن متدينا فقط بل كان خبيرا بفنون الدنيا حتى يكون خليفة ناجحا في الأرض فكان هذا من متطلبات: {وَعَلَّمَ آدم الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، قَالَ يَا آدم أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قالَ أَلَمْ أقُلْ لكم إني أعلمُ غيبَ السمواتِ والأرضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ}.لقد انبهرت الملائكة وقال الله تبارك وتعالى: "قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ".. فآدم لديه إرادة الخير والشر وبعد ما أجاد الدنيا والدين؛ استحق أن تسجد له الملائكة.
يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} فكان الموقف بمثابة حفل تكريم لسيدنا آدم، فإن قيل هل ينفع السجود لغير الله؟، نقول لهم إن السجود لله وحده، وسجود الملائكة لآدم لم يكن سجود عبادة ولكن سجود تكريم وتسخير، وشرط ذلك أن تجمع بين الدنيا والدين فتكون أكرم عند الله من كل ما خلق. وفي هذا الموقف لم يستجب إبليس لأمر الله فطرد من الجنة.فالحمد لله على نعمة الخلق والإيجاد من العدم ونسأله تعالى نعمة الإيمان ونعمة الرضا.. والتوفيق فيما خلقنا من أجله.
منقوووووول
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
15/9/2014, 11:36 pm من طرف najati star fire
» بعض الأساسيات في الحوار باللغة الانجليزية
23/5/2013, 8:07 pm من طرف mohammed al-sawadi
» بسام كوسا .. أفضل الممثلين العرب في " الموريكس دور "
23/9/2010, 7:33 pm من طرف السيف الخالد
» أمثال شعبية بالصور المتحركه.. لا تفوتك
28/7/2010, 12:54 pm من طرف arebi
» طفلة تلقى حتفها بعدما عاقبتها والدتها بوضعها في كيس بلاستيك
28/7/2010, 12:05 pm من طرف arebi
» القبض على اكبر حرامي احذية بالعالم , صور
27/7/2010, 2:59 pm من طرف arebi
» بالصور , اغرب مسابقة في العالم , مغناطيسية ..
27/7/2010, 2:56 pm من طرف arebi
» مأكولات يابانية غريبة , وبالنسبة لهم شهية جدا !!
27/7/2010, 2:51 pm من طرف arebi
» سوريا تطلق أكبر (بقلاوة)
27/7/2010, 2:47 pm من طرف arebi